للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبكى الرّجلان. فقال كلُّ واحدٍ منهما: حَقِّي لأخي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَّا إِذَا فَعَلْتُمَا، فَاذْهَبَا، فَاقْتَسِمَا، وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ" (١). انتهابًا ثُمّ يحلل كلّ واحدٍ منهما صاحبه.

وفرّقوا بين العقود والفسوخ، وبين الأملاك المرسلة، عن إثبات سببٍ ثانٍ في الأسباب كثرةً، ولا يمكن القاضي تعيين شيءٍ منها بدون الحجة، فلا يكون مخاطبًا بالقضاء، بالملك، وإنّما هو مخاطبٌ بقصر يد المدّعى عليه عن المدعي. وذلك نافذٌ منه، ظاهرًا. فإمّا أن ينفذ باطنًا بمنزلة إنشاءٍ جديدٍ، فليس بقادرٍ عليه بلا سببٍ شرعي.

وأجاب الحافظ موفق الدين ابن قدامة في كتابه المغني عمّا استدل به لأبي حنيفة فقال (٢): أمّا الخبر عن عليٍّ إن صحَّ، فلا حجّة فيه؛ لأنّه أضاف


(١) لفظ شرح المعاني (٤/ ١٥٤): فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشرٌ، وإنه يأتي الخصم، ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأقضي له بذلك، وأحسب أنه صادقٌ، فمن قضيت له بحق مسلمٍ، فإنما هي قطعة من النّار، فليأخذها، أو ليدعها". فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقّي لأخي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إذ فعلتما هذا، فاذهبا، فاقتسما وتوخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحدٍ منكما صاحبه".
وجاء في شرح مشكل الآثار (٧٥٨) بلفظ: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشرٌ، وإنه يأتيني الخصم، ولعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض، فأقضي له بذلك، وأحسب أنه صادقٌ، فمن قضيت له بحق مسلمٍ، فإنما هي قطعة من النّار، فليأخذها، أو ليدعها". فبكى الرجلان، وقال كل واحد منهما: حقي لأخي. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما إذ قد فعلتما هذا، فاذهبا، فاقتسما وتوخيا الحق، ثم استهما، ثم ليحلل كل واحدٍ منكما صاحبه".
(٢) (١١/ ٤٠٨).

<<  <   >  >>