ولنا: أنه تفريق قبل تمام اللعان فلم يصح كما لو فرق بينهما لأقل من ثلاث أو قبل لعان المرأة ولأنها أيمان مشروعة لا يجوز للحاكم الحكم قبلها بالإجماع فإذا حكم لم يصح حكمه كأيمان المختلفين في البيع وكما قبل الثلاث؛ ولأن الشرع إنما ورد بالتفريق بعد كمال السبب، فلم يجز قبله كسائر الأسباب وما ذكروه تحكم لا دليل عليه ولا أصل له، ثم يبطل بما إذا شهد بالدين رجل وامرأة واحدة أو بمن توجهت عليه اليمين إذا أتى بأكثر حروفها وبالمسابقة إذا قال: من سبق إلى خمس إصابات فسبق إلى ثلاثة وبسائر الأسباب. فأما إذا تم اللعان فللحاكم أن يفرق بينهما من غير استئذانهما؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بين المتلاعنين ولم يستأذنهما. وروى مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أن رجلًا لاعن امرأته في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتفى من ولدها ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المتلاعنين. أخرجهما سعيد. ومتى قلنا إن الفرقة لا تحصل إلا بتفريق الحاكم فلم يفرق بينهما فالنكاح باقِ بحاله؛ لأن ما يبطل النكاح لم يوجد، فأشبه ما لو لم يلاعن. فصل: وفرقة اللعان فسخ وبهذا قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: هي طلاق؛ لأنها فرقة من جهة الزوج تختص النكاح فكانت طلاقًا كالفرقة بقوله: أنت طالقٌ. ولنا: أنها فرقة توجب تحريمًا مؤبدًا، فكانت فسخًا كفرقة الرضاع؛ ولأن اللعان ليس بصريح في الطلاق، ولا نوى به الطلاق، فلم يكن طلاقًا كسائر ما ينفسخ به النكاح؛ ولأنه لو كان طلاقًا لوقع بلعان الزوج دون لعان المرأة. =