للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّجس غير مرئيٍّ كالبول والخمر ونحوهما لا ينجس, ما لم يتغيَّر لونه أو طعمه أو ريحه، ويتوضَّأ منه من أيِّ موضعٍ كان من الجانب الَّذي وقع فيه النَّجس أو من الجانب الآخر (١).

كذا ذكره محمَّد في كتاب الأشربة: لو أنَّ رجلًا صبَّ خابيةً من خمرٍ في الفرات (٢)، ورجلٌ آخر -أسفل منهُ- يتوضَّأ به إن تغيَّر لونه أو طعمه أو ريحه لا يجوز، وإن لم يتغيَّر يجوز.

وعن أبِي حنِيفة في جاهِلٍ (٣) بال في الماءِ الجارِي، ورجلٌ أسفل منه يتوضَّأ بِهِ قال: لا بأس بِهِ؛ وهذا لأنَّ الماء الجارِي مِمَّا لا يخلص بعضه إلى بعض، فالماء الَّذي يتوضَّأ به يحتمل أنَّه نجس, ويحتمل أنَّه طاهر، والماء طاهر في الأصل فلا نحكُم (٤) بنجاسته بالشَّكِّ، وإن كانت النَّجاسة مرئيَّة كالجيفة ونحوِها، فإن كان جميع الماء يجري على الجيفة لا يجوز الوضوء (٥) من أسفل الجِيفةِ؛ لأنَّه (٦) نجس بيقين، والنَّجس لا يطهر بالجريان، وإن كان أكثره يجري على الجيفة فكذلك؛ لأنَّ العبرة لِلغالب، وإن كان أقلُّه يجري على الجِيفةِ، والأكثرُ يجري على الطَّاهِر يجوز التَّوضُّؤ به من أسفل


(١) في بدائع الصنائع: (جانب آخر).
(٢) في المخطوط الفراق، صحح من بدائع الصنائع: (الخمر في الفرات). والفَرقُ -ويحرك-: مكيال بالمدينة يسع ثلاثة آصع أو ستة عشر رطلًا. القاموس.
(٣) في بدائع الصنائع: (الجاهل).
(٤) في بدائع الصنائع: (يحكم).
(٥) في بدائع الصنائع: (التوضؤ).
(٦) في المخطوط: (لا).

<<  <   >  >>