للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الكثرة، وإنما جعلوا ذلك دليلاً على سريان النجاسة، وليس عند أبي حنيفة: أن الكثير لا ينجس جميعه، بل فروعه ناطقة بخلافه.

قال الإِمام محمَّد بن الحسن في الأصل: إذا وقعت الجيفة أو غيرها من النجاسات في حوضٍ صغيرٍ لم يخلص بعضه إلى بعض، لم يستعمل، وإن كان كبيرًا لا يخلص بعضه إلى بعض، فلا بأس بأن يتوضأ من ناحية أخرى.

وقال الإِمام أبو يوسف في الإملاء: قال أبو حنيفة في حوض مسبغة إذا حرّك ناحيةً منهُ لم تضطرب الناحية الأخرى، فهذا لا ينجسه بولٌ يقع فيه أو دمٌ أو جيفةٌ إلاّ ذلك الموضع.

وإذا كان يرى بتنجس موضع الوقوع من الماء الكثير، كيف يكون قائلًا بأن الكثير لا ينجس كالشافعي -رحمه الله- في القلتين، ومالك في ما يكون بحالٍ لا يتغير بالاختلاط، ينجس, وسأنبهك على يسر المسألة عنده إن شاء الله تعالى.

قوله: ثم اختلفوا في تفسير الخلوص إلخ.

هذا ظاهرٌ في أنّ مراده خلوص الماء بعضه إلى بعض، وليس هو المنظور إليه لذاته عند أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، وإنما المنظور إليه عنده في نفس الأمر: الشيوع بالنجاسة، إلا أنه لما كان في غير المرئية أمراً خفيّاً نظر إلى ما يدل عليه وهو: إما خلوص الماء بنفسه أو الحركة بما ذكر.

وغيره استدل على خلوصها الباطن بالصبغ الظاهر أو التكدير مما نقل.

وبعضهم خمّن: أنها لا تخلص إلى مقدار عشرة أذرع.

وبعضهم: خمسة عشر. كما نقلت عنهم. وهذا مما وعدتك بالتنبيه عليه.

<<  <   >  >>