للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسلم - في قتل أبيه فلم يأذن له, وقال لأبيه أنت الذليل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو العزيز, ولما مات أبوه جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله إنك إن لم تأته لم نزل نعيّر بهذا فأتاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجده قد أدخل في حفرته فأمر به فأخرج منها وتفل عليه من ريقه وألبسه قميصه, وكان هذا قبل أن ينهاه ربه عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم ثم إن الله تعالى أنزل عليه: {ولا تصل على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره} فكان بعد نزول هذه الآية لا يصلي على أحد من المنافقين ولا يقوم على قبره, وفي هذه الآية الكريمة أبلغ رد على من زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبر المنافقين ويعطف عليهم.

الوجه الثاني: أن يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن موصوفاً بالقسوة كما زعم ذلك صاحب المقال الباطل, وإنما كان موصوفاً باللين والرأفة والرحمة للمؤمنين وبالشدة والغلظة على الكافرين والمنافقين, قال الله تعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} وقال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} وفي صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاصي فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التوراة فقال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً} وحرزاً للأميين وأنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل لست بفظ ولا غليظ ولا سخاب بالأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله فيفتح به

<<  <   >  >>