واجتهدوا في معارضة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر, وهؤلاء يخشى عليهم أن يكونوا من الذين قال الله فيهم:{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}.
البرهان الثامن: قول الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلك وصاكم به لعلكم تتقون} قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية ما ملخصه, اختلفت عبارات المفسرين من السلف والخلف, في تفسير الصراط وإن كان يرجع حاصلها إلى شيء واحد وهو المتابعة لله وللرسول, فروي أنه كتاب الله, وقيل هو الإسلام, وقيل الحق, وقيل هو النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحباه من بعده, قال ابن كثير: وكل هذه الأقوال صحيحة وهي متلازمة فإن من اتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - واقتدى باللذين من بعده أبي بكر وعمر فقد اتبع الحق ومن اتبع الحق فقد اتبع الإسلام ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن وهو كتاب الله وحبله المتين وصراطه المستقيم, فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضاً. ثم ذكر ما رواه الطبراني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى.
وأما السبل فهي الطرق الخارجة عن الصراط المستقيم مثل اليهودية والنصرانية وسائر الملل والأهواء والنحل المخالفة لما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم, وقد روى ابن جرير عن أبان بن عثمان أن رجلاً قال لابن مسعود رضي الله عنه: ما الصراط المستقيم؟ قال: «تركنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في أدناه وطرفه في الجنة وعن يمينه جواد وعن يساره جواد وثَمَّ رجال يدعون من مَرَّ بهم فمن أخذ في تلك الجوادّ انتهت به إلى النار ومن أخذ على الصراط