قال رشيد رضا وأقول إن الحافظ رحمه الله تعالى حجة في النقل فقد كان أحفظ حفاظ السنة والآثار ولكنه لم يؤت ما أوتي الأئمة المجتهدون من قوة الاستنباط فحسبنا من فتواه ما تعلق بالنقل وهو أن عمل المولد بدعة لم تنقل عن أحد من سلف الأمة الصالح من أهل القرون الثلاثة التي هي خير القرون بشهادة الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله, ومن زعم بأنه يأتي في هذا الدين بخير مما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجرى عليه ناقلو سنته بالعمل فقد زعم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يؤد رسالة ربه كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى, وقد أحسن صاحب عقيدة الجوهرة في قوله:
وكل خير في اتباع من سَلَف ... وكل شر في ابتداع من خَلَف
وأما قول الحافظ من عمل فيه المحاسن وتجنب ضدها كان عمله بدعة حسنة ومن لا فلا, ففيه نظر, ويعني بالمحاسن قراءة القرآن وشيء من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - في بدء أمره من ولادته وتربيته وبعثته, والصدقات - وهي مشروعة لا تعد من البدع - وإنما البدعة فيها جعل هذا الاجتماع المخصوص بالهيئة المخصوصة والوقت المخصوص وجعله من قبيل شعائر الإسلام التي لا تثبت إلا بنص الشارع بحيث يظن العوام والجاهلون بالسنن أنه من أعمال القرب المطلوبة شرعاً. وهو بهذه القيود بدعة سيئة وجناية على دين الله تعالى وزيادة فيه تعد من شرع ما لم يأذن به الله ومن الافتراء على الله والقول في دينه بغير علم انتهى المقصود من كلامه.
وذكر أيضاً أن الحفلات المولدية تشتمل على بدع ومفاسد أخرى كالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سيرته وأقواله وأفعاله كما هو المعهود في أكثر القصص المولدية التي اعتيد التغني بها في هذه