ثم ترك ذلك خشية أن تفرض صلاة الليل على أمته فيعجزوا عنها. وكانوا يعلمون أيضاً أن عمر رضي الله عنه كان عاملاً بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له بقية ليلته» ومن كان متبعاً لفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاملاً بقوله وتقريره فهو محسن غاية الإحسان, وما على المحسنين من سبيل.
الوجه الحادي عشر: أن يقال إن صاحب المقال الباطل قد انتقص عمر رضي الله عنه وبخسه حقه وذلك في زعمه أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا مثل عمر رضي الله عنه في العلم والفقه والمقام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وهذا قول باطل مردود على قائله, فإنه ليس بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه أحد يداني عمر رضي الله عنه في العلم والفقه والمقام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضلاً عن أن يكون فيهم من يماثله, والأدلة على ذلك كثيرة جداً, فأما تفوقه في العلم فقد جاء فيه أحاديث كثيرة, منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه» رواه ابن عمر وأبو ذر وأبو هريرة والفضل بن العباس رضي الله عنهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , وقد تقدم تخريج هذه الأحاديث في الوجه الثاني فلتراجع هناك, وجاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أحمد والترمذي وابن حبان قال ابن عمر ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر بن الخطاب إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر رضي الله عنه.
ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون فإن يك في أمتي أحد فإنه عمر» رواه الإمام أحمد والبخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهذا لفظ البخاري, وروى الإمام