وفي الأثر عن جرير رضي الله عنه أنهم كانوا يعدون الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام من النياحة, وما ذكر بعده عن أبي البختري وسعيد بن جبير أنهما قالا في إقامة الولائم في المآتم: إنه من أمر الجاهلية, وما ذكر أيضاً عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يمنع من ذلك, وما ذكر أيضاً من أقوال العلماء في عد ذلك من البدع, وقول بعضهم إنها بدعة مستقبحة وأنها من قلب المعقول, كل ذلك فيه أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى أمثاله من المفتونين ببدعة المأتم.
وفي كل برهان من البراهين التي تقدم ذكرها أبلغ رد على تحدي صاحب المقال الباطل على الإتيان ببرهان يدل على المنع من بدعتي المأتم والمولد فكيف وقد اجتمع من البراهين الدالة على المنع من بدعتي المأتم والمولد سبعة وعشرون برهاناً من الكتاب والسنة, وجاء في المنع من بدعة المولد زيادة برهان من السنة, وفي المنع من بدعة المأتم زيادة برهانين من قول عمر رضي الله عنه أن ذلك من النياحة, وما ذكره جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يعدون ذلك من النياحة, وبهذا تصير البراهين على المنع من بدعة المولد ثمانية وعشرين برهاناً, وعلى المنع من بدعة المأتم تسعة وعشرين برهاناً, ولا يخفى على طالب العلم أنه يكفي للمنع من كل واحدة من البدعتين برهان واحد فكيف وقد اجتمع على المنع من كل منهما عدد كثير من البراهين. فليتق الله صاحب المقال الباطل وليتأمل الآيات والأحاديث التي ذكرتها حق التأمل وليراجع الحق فإن الرجوع إلى الحق نبل وفضيلة كما أن التمادي في الباطل والإصرار عليه نقص ورذيلة ومن خفت عليه دلالة البراهين المذكورة على المنع من بدعتي المأتم والمولد أو خفي عليه شيء منها فليعلم أنه إنما أتي من سوء فهمه للآيات والأحاديث. وليعرف