وقد ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في كتابه «جامع العلوم والحكم» قول عمر رضي الله عنه لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد وخرج ورآهم يصلون كذلك فقال: «نعمت البدعة هذه» وروي عنه أنه قال: «إن كانت هذه بدعة فنعمت البدعة» ومراده أن هذا الفعل لم يكن على هذا الوجه قبل هذا الوقت ولكن له أصل في الشريعة يرجع إليه, فمنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحث على قيام رمضان ويرغب فيه وكان الناس في زمنه يقومون في المسجد جماعات متفرقة ووحداناً, وهو - صلى الله عليه وسلم - صلى بأصحابه في رمضان غير ليلة ثم امتنع من ذلك معللاً بأنه خشي أن يكتب فيعجزوا عن القيام وهذا قد أُمِنَ بعده - صلى الله عليه وسلم - , وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقوم بأصحابه ليالي الأفراد في العشر الأواخر, ومنها أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين. وهذا قد صار من سنة الخلفاء الراشدين فإن الناس اجتمعوا عليه في زمن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم انتهى.
الوجه الرابع: أن يقال إن صلاة الليل في رمضان وفي غيره ليس للركعات فيها عدد معين لا يزاد عليه ولا ينقص منه, فأقلها ركعة وأكثرها لا حد له. ولا ينكر على من زاد في عدد الركعات ولا على من اقتصر على القليل منها, والأفضل في هذا ما كان موافقاً لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - , وقد ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر. وجاء في بعض الروايات في الصحيحين أنه كان يصلي ثلاث عشر ركعة سوى ركعتي الفجر.
واختلفت الرواية في عدد الركعات التي كان الصحابة رضي الله