وبالجملة فالخطباء قد أحسنوا غاية الإحسان في نصيحتهم المسلمين وتوجيههم إلى الخير وتحذيرهم من البدع وأنواع المنكرات.
وأما صاحب المقال فإنه قد أساء إلى نفسه وإلى غيره من الناس, فأما إساءته إلى نفسه فهو أنه قد وضعها في صف الذين أخبر الله عنهم أنهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف, وأما إساءته إلى الغير فهو أنه قد حسّن لهم بدعة المآتم والمولد ودعاهم بكتابته التي نشرها في جريدة الندوة إلى ارتكاب ما حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المحدثات التي قد أمر بردها ووصفها بالضلالة وأخبر أنها من شر الأمور وأنها في النار, فلا يأمن الكاتب أن يكون له نصيب من قول الله تعالى:{ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا سآء ما يرزون} وفي الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً» رواه الإمام أحمد ومسلم وأهل السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقد قرر النووي في شرح مسلم أن الإثم يكون لمن دعا إلى الضلالة سواء كان هو والذي ابتدأها أم كان مسبوقاً إليها.
الوجه الثاني: أن يقال: أنه يجب التدخل في خصوصيات الناس وفي عمومياتهم إذا تركوا شيئاً مما أمر الله به أو أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو ارتكبوا شيئاً مما نهى الله عنه أو نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن ذلك فعل البدع والمحدثات لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حذّر منها أشد التحذير. والدليل على وجوب التدخل في مخالفة الأوامر وارتكاب النواهي قول الله تعالى: {ولتكن