بالبدع ويعارضون العلماء الناصحين الذين ينهون عنها ويحذرون منها.
ومن هذه البدع إقامة الولائم في المآتم والاحتفال بالمولد النبوي واتخاذه عيداً في كل عام. فقد افتتن كثير من الجهال بهاتين البدعتين واتخذوا كلاً منهما سنة يحافظون عليها أعظم مما يحافظون على الفرائض والسنن المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر الشاطبي في كتاب «الاعتصام» ما رواه ابن حبيب عن ابن الماجشون قال: سمعت مالكاً يقول: «من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة لأن الله يقول:{اليوم أكملت لكم دينكم} فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً» وذكره الشاطبي في موضع آخر من كتاب «الاعتصام» ولفظه قال: «من أحدث في هذه الأمة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة» وذكر بقيته بمثل ما تقدم انتهى.
وفي الآية الكريمة أبلغ رد على صاحب المقال الباطل وعلى أمثاله من المفتونين بإقامة الولائم في المآتم واتخاذ ليلة المولد النبوي عيداً واستحسان هاتين البدعتين. ولا شك أن هذا من الاستدراك على الدين الذي أكمله الله لعباده ورضيه لهم وأتم عليهم النعمة به, وما أعظم ذلك وأشد خطره.
وبالجملة فإن الآية من سورة المائدة تقضي على البدع كلها وترد على من تعلق بها أو بشيء منها, وعلى من أفتى بجوازها أو جواز شيء منها, وعلى من استحسن شيئاً من البدع وزعم أنها نافعة ومفيدة, وقد قال الشاطبي في كتاب:«الاعتصام» إن المستحسن للبدع يلزمه أن يكون الشرع عنده لم يكمل بَعْدُ فلا يكون لقوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم} معنى يعتبر به عندهم انتهى.