وقد نص الأصوليون أن الإجماع لا يكون إلا عن دليل شرعي.
فإن قيل فقد سماها عمر رضي الله عنه بدعة وحسنها بقوله:«نعمت البدعة هذه» وإذا ثبتت بدعة مستحسنة في الشرع ثبت مطلق الاستحسان في البدع.
فالجواب إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال من حيث تركها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتفق أنها لم تقع في زمان أبي بكر رضي الله عنه, لا أنها بدعة في المعنى, فمن سماها بدعة بهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي. وعند ذلك فلا يجوز أن يستدل بها على جواز الابتداع بالمعنى المتكلم فيه لأنه نوع من تحريف الكلم عن مواضعه انتهى.
وقال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم» فأما صلاة التراويح فليست بدعة في الشريعة بل هي سنة بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفعله فإنه قال:«إن الله فرض عليكم صيام رمضان وسننت لكم قيامه» ولا صلاتها جماعة بدعة, بل هي سنة في الشريعة, بل قد صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين بل ثلاثاً وصلاها أيضاً في العشر الأواخر في جماعة مرات وقال:«إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة» لما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح, رواه أهل السنن, وبهذا الحديث احتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد, وفي قوله هذا ترغيب في قيام شهر رمضان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة, وكان الناس يصلونها جماعة في المسجد على عهده - صلى الله عليه وسلم - ويقرهم, وإقرارها سنة منه - صلى الله عليه وسلم - انتهى.