{ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم}.
الوجه الرابع أن يقال على سبيل الفرض والتقدير لو أن التجربة التي ذكرها الكاتب كانت مؤثرة في قلبه وقلوب أشباهه من المفتونين بالاحتفالات المحدثة وأن هذه الاحتفالات تحيي الموات في قلوبهم وتجدد صلتهم بالله وتجذبهم إلى الطاعة وتنفرهم عن المعصية لما كان لهم أن يحتفلوا بما لم يحتفل به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم, بل الواجب عليهم وعلى غيرهم من الناس أن يتأسوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الاحتفالات وفي جميع الأعمال ولا يبتدعوا شيئاً لم يكن عليه الأمر في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزمان أصحابه رضي الله عنهم وإن كانوا يرون أن فيه خيراً لهم لأنه ليس شيء من الأعمال يبتغى فيه الخير إلا وقد سبق إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم. فالخير كل الخير في سلوك سبيلهم, والشر كل الشر في سلوك السبل المضلة وهي سبل الأهواء والضلالة والشهوات التي تفضي بسالكيها إلى النار.
الوجه الخامس: أن أقول إن الخطب والمواعظ التي يلقيها الخطباء في المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيرهما من المساجد التي قد سمعتُ الخطب فيها ليست على الوصف الذي وصفها به الكاتب هدانا الله وإياه, وإنما هي خطب بليغة جداً لاشتمالها على الدعوة إلى الله تعالى وإخلاص العمل له وتجريد المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - والتمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. وتشتمل أيضاً على التذكير بالمعاد والجزاء على الأعمال, وتشتمل أيضاً على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من البدع والأهواء المضلة ومن فتن الشهوات