ثم إن صاحب المقال الباطل لم يقتصر على تحسين بدعتي المولد والمأتم والاحتفال بهما بل ذهب يطالب بتوسيع نطاق البدع ويدعو إلى الاحتفال بالأيام التي كان لها ذكر في التاريخ فقال: إن الاحتفالات ينبغي أن لا تقتصر على المولد النبوي فقط بل وفي كل يوم من أيام الإسلام الخالدة كيوم الهجرة ويوم الإسراء والمعراج ويوم بدر ويوم أحد ويوم فتح مكة وكل يوم كان له أثر طيب على المسيرة الإسلامية, فما أحوجنا إلى أيام إجازة بهذه المناسبات كما يفعل غيرنا من الأمم المتحضرة.
والجواب عن هذا من وجوه أحدها: أن يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كانوا أحرص الناس على فعل الخير, ومع هذا فإنهم لم يكونوا يحتفلون بشيء من الأيام التي دعا الكاتب المفتون إلى الاحتفال بها, ولو كان في الاحتفال بها أو بشيء منها أدنى شيء من الخير لكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أسبق إليه ممن كان بعدهم, وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» وهذا الحديث الصحيح يدل دلالة واضحة على أنه لا يجوز الاحتفال بشيء من الأيام التي ذكرها الكاتب لأن الاحتفال بها بدعة وضلالة, وأي خير يرجى من البدع والضلالة, ومن لم يتسع له ما اتسع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم فلا وسع الله عليه.
الوجه الثاني: أن يقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك