للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن لم تكن في معادي آخذاً بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم

لا شك أنه سيجاهد هؤلاء الذين بالغوا في إطرائه وصرفوا له ما هو من خصائص الربوبية والألوهية كما كان يجاهد سلفهم الذين اتخذوا من دون الله أنداداً يتعلقون بهم في قضاء الحاجات وتفريج الشدائد والكربات.

الوجه الخامس: أن يقال إن حسان بن ثابت وكعب بن زهير وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم كانت أشعارهم التي أنشدوها عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالية من الغلو والإطراء فضلاً عما هو أعظم من ذلك من الشرك الذي تقدم ذكره في أبيات البردة. وعلى هذا فأي شيء يوجب الإنكار من النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنشدين من أصحابه بحضرته. ولو كان للكاتب أدنى شيء من الفهم لما خفي عليه ذلك.

الوجه السادس: أن يقال يظهر من كلام الكاتب أنه لا يرى فرقاً بين أشعار الصحابة التي قد أنشدت بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين الأشعار التي يتغنى بها كثير من المفتونين ببدعة المولد كالبردة وما أشبهها من القصائد التي لا تخلو من الغلو والإطراء, وبعضها لا يخلو من الشرك بالله. ولهذا ذكر سماع النبي - صلى الله عليه وسلم - من شعراء العرب كحسان وكعب بن زهير مستشهداً بذلك على جواز ما يتغنى به الجاهلون في بدعة المولد, وهذا من القياس الفاسد. وما أعظم الفرق بين قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

تعاليت رب الناس عن قول من دعا ... سواك إلهاً أنت أعلى وأمجد

لك الخلق والنعماء والأمر كله ... فإياك نستهدي وإياك نعبد

<<  <   >  >>