ومن يفعل ذلك سيسأله الله عن أمة محمد كيف يوسد أمراً من أمورها إلى غيره أهله.
والجواب أن يقال: إن صاحب المقال الباطل لم يقتصر على تحسين بدعة المولد والدعاء إليها وإلى غيرها من الاحتفالات المبتدعة والمطالبة بإعادتها بعد المنع منها وتطهير البلاد المقدسة من أدناسها. بل إنه ذهب يعرّض بالخطباء في المسجد الحرام والوعاظ والدعاة فيه بأنهم قد أُرسلوا بغير زاد من توجيهات الإسلام وآدابه. ويعرّض أيضاً بولاة الأمر بأنهم قد وَسَّدوا الأمر في الخطابة والوعظ والدعوة إلى غير أهله, ويفهم من فحوى كلامه في هذه الجملة الأخيرة أنه قد أراد بها الاعتراض على الملك حفظه الله تعالى بأنه قد ولّى الخطابة في المسجد الحرام لمن لا يرضى بهم الكاتب ولا يصلحون في نظره للخطابة لأنهم ينكرون الاحتفال بالمولد النبوي وينكرون إقامة الولائم في المآتم وينكرون جميع الاحتفالات المبتدعة التي قد فُتن بها الكاتب وأشباهه من ذوي القلوب المريضة بحب البدع, وهذا هو السبب الذي من أجله شن الكاتب الحملة على الخطباء في المسجد الحرام وبذل جهده في معارضتهم وتأنيبهم على الصدع بالحق وترك المداهنة له ولأشباهه من أهل البدع.
وقد وصف خطبهم ومواعظهم بالبرودة والأوصاف التي هي أليق به وبكلامه, فهل يظن الكاتب أنه أعلى نظراً من الملك الذي اختارهم للخطابة في المسجد الحرام بعدما تحقق صلاحيتهم لهذا المنصب الهام الذي لا يتولاه إلا ذوو التحصيل من العلم وتوجيهات الإسلام وآدابه, وقد شهد لهم أهل العدل والإنصاف من أهل العلم بالتفوق في الخطابة والوعظ والدعوة إلى الله تعالى وبذل النصيحة للمسلمين وأمرهم بالمعروف ونهيم عن المنكر وتحذيرهم من المحدثات التي قد حذر منها رسول الله - صلى الله