السلام عليكم معشر الإخوان ورحمة الله وبركاته، جَعَلَنا الله وإياكم ممن ثبت على قَرْع نوائب الحق جأشَه، واحتسب لله ما بذله من نفسه في إقامة دينه، وما احْتَوَشَهُ من ذلك وحاشَه، واحتذى حذو السُّبَّق الأولين، من المهاجرين والأنصار، والذين لم تأخذهم في الله لومةُ لائم، فما ضَرَّهم مَنْ خذلهم ولا مَن خالفَهم، مَعَ قِلَّةِ عددهم في أوَّل الأمر، فكانوا ــ مع ذلك ــ كلٌّ منهم مجاهد بدين الله قائم، ونرجو من كرم الله تعالى أنْ يُوفِّقَنا لأعمالهم، ويرزق قلوبنا قِسطًا من أحوالهم، ويَنْظِمَنا في سِلكهم، تحت سَنْجقهم ولوائهم، مع قائدهم وإمامهم سيد المرسلين، وإمام المتقين، محمدٍ صلوات الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أُذّكِّرُكُم ــ رَحمكُم الله ــ ما أنتم به عالمون، عملًا بقوله تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}[الذاريات: ٥٥].
وأبدأُ مِن ذلك بأن أُوصي نفسي وإياكم بتقوى الله، وهي وصية الله تعالى إلينا وإلى الأمم مِن قَبْلنا، كما بَيَّنَ سبحانه وتعالى قائلًا وموصيًا:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء: ١٣١].
وقد علمتم تفاصيل التقوى على الجوارح والقلوب، بحَسَبِ الأوقاتِ والأحوال: من الأقوال، والأعمال، والإرادات، والنِّيَّاتِ.
وينبغي لنا جميعًا أن لا نقنعَ من الأعمال بصوَرِها حتى نطالبَ قلوبَنا بين يدي الله تعالى بحقائقها؛ ومع ذلك فلتكن لنا همة عُلْوِيَّةٌ، تترامى إلى أوطان القُرْبِ، والمحبوبية والحُبُّ، فالسعيدُ من حَظِيَ مِن ذلك بنصيب، وكان مولاه منه على سائر الأحوال قريبًا بخصوص التقريب، فيكتسي