يجاهدون، وتأخذهم في الله اللائمة، لحفظ مناصبهم، وإبقاءً على أغراضهم.
سافرنا البلاد فلم نر من يقوم بدين الله في وجوه مثل هؤلاء ــ حق القيام ــ سواكم، فأنتم القائمون في وجوه هؤلاء إن شاء الله، بقيامكم بنصرة شيخكم وشيخنا ــ أيده الله ــ حق القيام، بخلاف مَن ادَّعى من الناس أنهم يقومونَ بذلك.
فصبرًا يا إخواني على ما أقامكم الله فيه، من نصرة دينه وتقويم اعوجاجه وخُذلان أعدائه، واستعينوا بالله، ولا تأخُذْكم في الله لومةُ لائم، وإنما هي أيامٌ قلائل، والدين منصورٌ، قد تولّى الله إقامَته، ونُصرةَ مَنْ قَامَ به من أوليائه، إن شاء الله ظاهرًا وباطنًا.
وابذُلوا فيما أقمتم فيه ما أمكنكم من الأنفس والأموال، والأفعال والأقوال، عسى أن تُلحَقوا بذلك بِسَلَفِكُمْ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلقد عرفتم ما لَقُوْا في ذات الله، كما قالَ خُبَيْبٌ حين صُلب على الجِذع.
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يُبارِكْ على أوصال شِلْوٍ مُمَزَّع
وقد عرفتم ما لقي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن الضُّرِّ والفاقة في شِعْبِ بني هاشم، وما لقي الأولون من التعذيب والهجرة إلى الحبشة، وما لقي المهاجرونَ والأنصارُ في أُحُد، وفي بئر مَعُونة، وفي قتال أهل الرِّدَّة، وفي جهاد الشام والعراق، وغير ذلك.
وانظروا كيف بذلوا نفوسَهم وأموالَهم لله، حُبًّا له، وشوقًا إليه، فكذلك أنتم ــ رحمكم الله ــ كلٌّ منكم على قدر إمكانه واستطاعته، بفعله، وبقوله، وبخطه، وبقلبه، وبدعائه. كلُّ ذلك جهادٌ.