لها ــ سرًّا، وأن من تعرَّض لها بسوء ــ بقالٍ أو فعال ــ أصابته في نفسه آفة من الآفات! !
فشرع الشيخ يعيب تلك الأحجار، وينهى الناس عن إتيانها، أو أن يُفعل عندها شيء مما ذُكر، أو أن يُحسَنَ بها الظن.
فقال له بعض الناس: إنه قد جاء حديث أن أم سلمة سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بالتين والزيتون، فأخذت تينة وزيتونة وربطت عليهما وعلقتهما حِرْزًا. وبقيت كلما جاء إليها أحد به مرض تحطه عليه فيبرأ من ذلك المرض. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك، فقالت: سمعتك تقرأ بالتين والزيتون، فقلتُ: ما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك إلا وفيه سرّ أو منفعة، فعملت تينة وزيتونة لي حرزًا، وأحسنت ظني به، ونفعت بذلك الناسَ. فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لو أحسن أحدكم ظنَّه بِحَجَرٍ لنفعه الله به».
فقال الشيخ: هذا الحديث كله ــ من أوله إلى آخره ــ كذب مختلق، وإفك مفترى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أم سلمة - رضي الله عنها -. والذي صحَّ وثبتَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه عزَّ وجل أنه قال:«أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا دعاني ... » الحديث. و «أنا عند ظن عبدي بي، فليظنَّ بي خيرًا». وقال:«لا يموتنَّ أحدُكم إلا ويحسن ظنَّه بالله الذي تفرَّد بخلقه، وأوجده من العدم ولم يكن شيئًا، وبيده ضرُّه ونفعه»، كما قال إمامنا وقدوتنا إبراهيم خليل الرحمن: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (٧٨) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (٧٩) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (٨٠) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (٨١) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٧٨ - ٨٢]. فهذا الرب العظيم الكبير المتعال، الذي بيده ملكوت كل شيءٍ، يُحسن العبد به ظنه، ما يحسن ظنه بالأحجار،