للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الكفار أحسنوا ظنهم بالأحجار فأدخلتهم النار. وقد قال الله تعالى في الأحجار وفيمن أحسنوا بها الظنَّ حتى عبدوها من دونه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: ٦]. وقال: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: ٩٨]. وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُسْتجمر من البول بثلاثة أحجار، ما قال أحسنوا ظنكم بها، بل قال: استجمروا بها من البول. وقد كسر النبي - صلى الله عليه وسلم - الأحجار التي أُحسِن بها الظن حتى عُبدتْ حول البيت وحرَّقها بالنار.

فبلغ الشيخَ أن جميع ما ذكر من البدع يتعمدها الناس عند العمود المُخَلَّق الذي داخل (الباب الصغير) الذي عند (درب النافدانيين (١)). فشدَّ عليه وقام، واستخار الله في الخروج إلى كسره، فحدَّثني أخوه الشيخ الإمام القدوة شرف الدِّين عبد الله ابن تيمية قال: فخرجنا لكسره، فسمع الناسُ أن الشيخ يخرج لكسر العمود المخلّق، فاجتمع معنا خلق كثير. قال: فلما خرجنا نحوه، وشاع في البلدان: ابنُ تيمية طالعٌ ليكسر العمود المُخَلَّق، صاح الشيطانُ في البلد، وضجّت الناس بأقوال مختلفة، هذا يقول: «ما بقيت عين الفيجة تطلع»، وهذا يقول: «ما ينزل المطر، ولا يثمر شجر»، وهذا يقول: «ما بقي ابن تيمية يفلح بعد أن تعرَّض لهذا»، وكل من يقول شيئًا غير هذا.

قال الشيخ شرف الدين: فما وصلنا إلى عنده إلا وقد رجع عنا غالب الناس، خشية أن ينالهم منه في أنفسهم آفة من الآفات، أو ينقطع بسبب كسره بعض الخيرات.


(١) كذا، ولم نجد بابًا بهذا الاسم في «خطط الشام» ولا «خطط دمشق» للعلبي (ص ٤٣٩ - ٤٤٠)، فعله تحريف.

<<  <   >  >>