للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فتقدَّمنا إليه، وصِحنا على الحجَّارين: «دونكم هذا الصنم» فما جَسَر أحد منهم يتقدم إليه. قال: فأخذت أنا والشيخ المعاول منهم، وضربنا فيه، وقلنا: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: ٨١]. وقلنا: إن أصاب أحدًا منه شيء نكون نحن فداه. وتابعنا الناسُ فيه بالضرب حتّى كسرناه، فوجدنا خلفه صنمين حجارة مجسَّدة مصوَّرة، طول كل صنم نحو شبر ونصف.

وقال الشيخ شرف الدين: قال الشيخ النووي: «اللهم أقم لدينك رجلًا يكسر العمود المخلّق، ويخرب القبر الذي في جيرون» فهذا من كرامات الشيخ محي الدِّين (أي النووي). فكسرناه ولله الحمد، وما أصاب الناس من ذلك إلا الخير. والحمد لله وحده.

فصل

قد بلغ الشيخ أن في المسجد الذي خلف (قبة اللحم) في (العلافين) يُعْرف باسم (مسجد الكف) بلاطة سوداء، وقد شاع بين الناس أن إنسانًا من قديم الزمان رأى في منامه النبي - صلى الله عليه وسلم - وحدثه بأمور فقال: يا رسول الله إن حدَّثتُ الناس بالذي حدَّثتني لا يصدّقونني، فقال له: هذا كفِّي اليمينُ في هذه البلاطة دليلًا على صدقك. وحط كفه فيها، فغاص، فبقي فيها موضع كف وخمس أصابع، وانعكف الناسُ عليه ــ كما ذكر ــ بالنذر له والتبرك به، والاستسقاء.

فبلغ ذلك الشيخ، فطلع إليه ومعه جماعته وأخوه الشيخ شرف الدِّين فسمعته غير مرة يحدِّث يقول: لما نظرت إليها قلت: هذا الكف منحوت، مصنوع، مكذوب. فإن النحّات جاء يعمله كف يمين فعمله كف شمال.

<<  <   >  >>