للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويأمر بإتيان المساجد وتعظيمها. وأعظم المشاهد بالقاهرة مشهد الحسين فإن أمره عظيم، فإن جميع ما ذكر من البدع والضلال يقام عنده وأضعاف ذلك، حتى إذا غلَّظ أحدٌ اليمين على الحالف يحلفه عند مشهد الحسين، فكان الشيخ ينهاهم عن ذلك وينكره بجنانه وحاله، وقال: إن السلف ومن اتبعهم كانوا إذا حلَّفوا أحدًا وغلَّظوا عليه اليمين يحلّفونه بين المحراب والمنبر، ولم يحلفوه عند قبور أو أثر.

قال: وأما الحسين ــ - رضي الله عنه - وعن سلفه ولعن قاتله ــ فما حُمل رأسه إلى القاهرة، فإنّ القاهرة بناها الملك المعز في أوائل المائة الرابعة، والحسين ــ عليه السلام ــ قتل يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، ودفنت جثة الحسين حيث قتل. وقد روى البخاري في «تاريخه»: أن رأس الحسين حُمل إلى المدينة ودفن بها في البقيع عند قبر أمه فاطمة - رضي الله عنها -. وبعض العلماء يقول: إنه حُمِل إلى دمشق ودفن بها. فبين مقتل الحسين وبين بناية القاهرة نحو مئتين وخمسين سنة. فإنه من المتواتر أن القاهرة بُنِيت بعد بغداد، وبعد البصرة والكوفة وواسط، فأين هذا من هذا؟ !

وقد ذكر صاحب الكتاب الذي سماه: (العَلَم المشهور، في فضل الأيام والشهور) (١) وصنف هذا الكتاب للملك الكامل - رحمه الله -، ذكر فيه أن هذا المشهد بناه بنو عبيد الملاحدة الزنادقة ملوك مصر في أواخر سنة خمسين وخمس مئة، وقوَّض الله دولة بني عُبيد بعد بنائهم لهذا المشهد بنحو أربع عشرة سنة. وهذا مشهد الكذب والمين، ما هو مشهد الحسين.

وكلا العلماء في ذمّ بني عبيد القدَّاح مشهور، وفي ذم مذاهبهم وما كانوا


(١) هو ابن دِحية الكلبي (ت ٦٤٣)، والكتاب لا يزال مخطوطًا، ومنه عدة نُسخ.

<<  <   >  >>