للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كنت أجري فوق سطح هذا المشهد، وما له عندي حُرْمة بما حدثني أبي عنه، فبينما أنا نائم ليلة وأنا أرى عجوزًا زرقاء العينين شمطاء الرأس، ومعها قيد، فحطته في رجلي وقالت: تتوب ولا تعود تجري فوق سطح المشهد؟ فقلت: التوبة، التوبة، ما بقيت أعود. فقعدت وأنا مرعوب».

فقال الشيخ: «وهذا أيضًا حجة لي على صحة ما أقوله، فإن هذه شيطانة هذا الموضع، وهي التي تزينه للناس. وكذلك لما بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد - رضي الله عنه - بقطع (العُزَّى) فقال له: لما قطعت العزَّى أيّ شيءٍ رأيتَ خرج؟ فقال: خَرَجَتْ منها عجوز شمطاء هاربة نحو اليمن، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تلك شيطانة العُزَّى». وسمعت الشيخَ غير مرَّة يحكيها للناس.

فصل

في كشف حال بني عبيد

سمعت الشيخ يحكي غير مرة في مجالسه يقول: زرت يومًا المارستان المنصوري، فجاء إليَّ أناس فقالوا لي: تصدَّق وزُر المارستان العتيق: فرحت معهم أزوره، فقالوا لي: ألا تزور قبور الخلفاء؟ ــ يعنون بني عبيد ــ فرحت معهم إلى قبورهم، فوجدت قبورهم إلى القطب الشمالي. فتكلم عليهم وعلى مذاهبهم فقال الحاضرون: نحن نعتقد أن هؤلاء قوم صالحون، لأنا إذا مغلت عندنا الخيل (١) نجيء بها إلى قبور هؤلاء فتبرأ، فلولا أنهم صالحون ما برأت الدواب من المغل عند قبورهم. فقلت: وهو أيضًا حجة على صحَّة ما أقوله فيهم، فإن المغل من بَرْد يحصل للدواب، فإذا جيء بها


(١) المغل: مغص يأخذ الدواب.

<<  <   >  >>