إلى قبور اليهود والنصارى في الشَّام، وإلى قبور المنافقين كالقرامطة والإسماعيلية والنصيرية، فإن الدّوابَّ إذا سمعت أصوات المعذَّبين في قبورهم تفزع فيحصل لها حرارة تذهب بالمغل الذي حصل لها.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يومًا راكبًا على بغلته فحادت حتى كادت تلقيه عن ظهرها، فقالوا: ما شأنها يا رسول الله؟ فقال:«إنها سمعت أصوات يهود تعذَّب في قبورها». وقال: إنهم ليعذبون في قبورهم عذابًا تسمعه البهائم. فما يروح أصحاب الدّوابّ بها إلى قبر الشافعي ولا إلى قبر أشهب فإن عند قبورهم تنزل الرحمة. وتكلَّم شيئًا كثيرًا من هذا الجنس ما ينحصر، وهذا شيء منه.
فصل
ولما كان الشيخ في قاعة الترسيم دخل إلى عنده ثلاثة رهبان من الصعيد. فناظرهم وأقام عليهم الحجة بأنهم كفار وما هم على الدِّين الذي كان عليه إبراهيم والمسيح. فقالوا له: نحن نعمل مثل ما تعملون، أنتم تقولون بالسيدة نفيسة ونحن نقول بالسيدة مريم، وقد أجمعنا نحن وأنتم على أن المسيح ومريم أفضل من الحسين ومن نفيسة، وأنتم تستغيثون بالصالحين الذين قبلكم ونحن كذلك.
فقال لهم: وإن من فعل ذلك ففيه شَبَهٌ منكم، وهذا ما هو دين إبراهيم الذي كان عليه، فإن الدِّين الذي كان إبراهيم عليه: أن لا نعبد إلا الله وحده، لا شريك له. ولا ندَّ له، ولا صاحبة له، ولا ولد له، ولا نشرك معه ملكًا ولا شمسًا ولا قمرًا ولا كوكبًا، ولا نشرك معه نبيًّا من الأنبياء ولا صالحًا:{إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[مريم: ٩٣]. وإن الأمور التي