للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يقدر عليها غير الله لا تطلب من غيره مثل إنزال المطر، وإنبات النبات، وتفريج الكربات، والهدى من الضلالات، وغفران الذنوب، فإنه لا يقدر أحد من جميع الخلق على ذلك، ولا يقدر عليه إلا الله. والأنبياء ــ عليهم الصلاة والسلام ــ نؤمن بهم ونعظمهم ونوقرهم ونتبعهم ونصدِّقهم في جميع ما جاؤوا به ونطيعهم كما قال نوح وصالح وهود وشعيب: {(٢) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ} [نوح: ٣]. فجعلوا العبادة والتقوى لله وحده، والطاعة لهم، فإن طاعتهم من طاعة الله. فلو كفر أحد بنبيٍّ من الأنبياء وآمن بالجميع ما نفعه إيمانه حتى يؤمن بذلك النبي. وكذلك لو آمن بجميع الكتب وكذب بكتاب كان كافرًا حتَّى يؤمن بذلك الكتاب وكذلك الملائكة واليوم الآخر.

فلما سمعوا ذلك منه قالوا: الدِّين الذي ذكرته خيرٌ من الدِّين الذي نحن وهؤلاء عليه. ثم انصرفوا من عنده.

فصل

لما كان الشيخ في قاعة الترسيم، وكان الشيخ العارف القدوة شمس الدِّين الدباهي (١) قد طلع من الشام إلى مصر حتى يصلح بين الشيخ وبين الشيخ نصر المنبجي، فكتب ورقة فيها: «الطفيلي على الله محمد بن الدباهي يسأل من الشيخين الصالحين ــ شيخ المشايخ أبي الفتح نصر المنبجي وشيخ الإسلام أحمد بن تيمية ــ أنهما يتفقان على طاعة الله ورسوله بحسب ما يمكنهما» وذكرَ أشياءَ يلتزمانها بحسب الإمكان ويتفقان عليها. وجاءت الورقة إلى الشيخ فقال: «إني أجيب إلى ذلك»، فراح بها إلى الشيخ نصر، فوجد عنده المشايخ التدامرة:


(١) محمد بن أحمد بن أبي نصر الدباهي البغدادي ت ٧١١ هـ. ذيل طبقات الحنابلة: (٢/ ٣٦١).

<<  <   >  >>