للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبا بكر والشيخ إبراهيم أولاد بروان، فقام الشيخ نصر من مجلسه وأقعد الشيخ شمس الدِّين فيه وعظَّمه تعظيمًا كبيرًا، فأوقفه على الورقة، فقال له: «يا سيدي، ولم كتبت إلى الشيخ مثل هذه وما سُمع بعدُ مِنّا كلام كثير؟ » فقال له: «اكتب أنك أجبتَ إلى ذلك» فقال: «إن كتب الشيخ كتبت» فقال له: «الله على ما تقول وكيل؟ » فقال: «نعم» فسيَّر الورقة إلى الشيخ، فكتب: «أجبت على ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله العليِّ العظيم. وكتبه أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية». وجاب الرسولُ الورقةَ إليه، فقال له الشيخ شمس الدين: «اكتب مع الشيخ مثل ما قلتَ وعاهدت الله عليه». فقال: «ما بقيت أكتب شيئًا». فقال له شمس الدِّين «عاديتك في الله»، وكشف رأسه وقال: «ثم نبتهل، ثم نبتهل» وقام ونزل من عنده.

فسيّر الشيخ نصر إلى والي المدينة أن يكبس بيت ابن تيمية، ويمسك أصحابه ويحطهم في الحبس. فسير الوالي نائبه، فكبس البيت، وكان قصدهم أن يمسكوا شرف الدِّين أخا الشيخ، فهرَّبوه من فوق السطح، وأمسك أصحاب الشيخ وجاءَ بِهم إلى الوالي، فحطهم في قاعة عند بيته، ومنعوا الناس من الدُّخول إلى عند الشيخ ثم بعد أيام عُزل الوالي. فسيَّب الجماعة، فتأخر عنده زين الدِّين أخو الشيخ، فسير إلى القاضي ابن مخلوف برسالة الشيخ نصر، فأمسك زين الدِّين وحبسه عند الشيخ في قاعة الترسيم. وفي تلك الأيام سرق مملوك زين الدِّين له قماش نفتة ومروزي وغيره وسافر به، ومرض زين الدين، فطلب الحمام فراح السجَّان وخادم الشيخ ــ إبراهيم بن أحمد الغياني ــ إلى القاضي، فقال له خادم الشيخ: هذا إن كان في حبسك؛ فاكتب له ورقة اعتقال، وإن كان ما هو في حبسك فلم ترسم عليه؟ [فقال: ] ما هو في حبسي أنا، بلغني أنه يطلب يخدم أخاه، ما استحللت منعه. فقال له:

<<  <   >  >>