للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إنه خرج يوم الخميس العشرين (١) من الشهر إلى مخيّم السلطان الذي يسمونه الأردو ــ وكان بِتَلّ راهط ــ فدخل عليه، ولم يمكَّن من إعلامه بما وقع، بل أُذِن له في الدّعاء له والإسراع، وقيل: إنه موجوعٌ من رجله، ومشغولُ الدماغ، وإنه إن علم بذلك لابدّ له من قتل جماعةٍ من المغل، ويحصل بذلك فتنةٌ وتَفَرقُ كلمة، وتكون الدائرة على أهل البلد وما شاكل ذلك، فاجتمع بالوزيرين سعد الدِّين ورشيد الدِّين وتحدَّث معهما، فذُكر أن جماعةً من المقدَّمين الأكابر لم يصل إليهم إلى الآن شيءٌ من مال دمشق، ولابدَّ من إرضائهم، وأُمر بإحضار جماعةٍ ممن كان أُسر، ورسم بالتفتيش على الأسرى في الجيش.

فدخل الشيخ تقي الدِّين ومن معه ليلةَ السبت إلى البلد، فلما كان في أثناء نهار السبت اشتدَّ الأمرُ بالناس، وضاق ضيقًا عظيمًا إلى غاية، وكَثُرت الأراجيف، وقيل: إن الأمر قد انتهى إلى البلد، وقد خبأ ما فيه للمغل خاصةً، وقد كتب السلطان أمانًا إلى أرْجَوَاشَ، فلم يلتفت إلى ذلك، وهم (٢) يدخلون لا محالة بسبب تلك القلعة، ويجري في البلد ما جرى في الجبل (٣)، وقيل: إنه من لم يخرج من البلد فدَمُه في عنقه، ومن أراد الخروج فليخرج إلى جبل الصالحية، والأولى أن يخرج الصُّلحاء والعلماء من البلد. فهلك الناسُ من هذا الكلام، وكان يُعزى أكثره إلى شيخ المشايخ، ثم إنه حمل حوائجه وخرج من العادِليَّة، فجَزَم الناسُ بذلك، وقالوا: لو لم يكن الخبر


(١) كان في الأصل: «الخامس والعشرين» وأصلحه المحقق من المصادر.
(٢) (ط): «وهو».
(٣) يعني: جبل الصالحية، كما سيأتي.

<<  <   >  >>