للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالله التي كانت أكبر أسباب النصرة في ذلك اليوم، بعد أن عرفه الله تعالى ــ قبل ذلك ــ جلية مصارع القوم. ولما التزمه أبو بكر من ورائه قائلًا له: «يا رسول الله، أهكذا مناشدتُك ربَّكَ، فإنه وافٍ لك بما وعدك»، لم يترك استغاثته بربه، لعلمه أن الأمور المقدورة لابد أن تقع بأسبابها اللازمة لها، المعروفة بها. ومصداق ذلك ما أنزله سبحانه في تقرير هذا الأمر، وتحقيق هذه القاعدة، وهو قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: ٩ - ١٠] لأنه سبحانه بيّن حكم الأسباب المتقدمة والمتأخرة، ورد الأمر إلى حقائق التوحيد، بقوله: {وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} وهذا هو نهاية مطالب هذا الباب، واتباع هذه الأحكام الثابتة على هذه الصفة المؤيدة، هو بلا شك أعلى مراتبِ العبودية، وأنفعها وأرفعها في حق مجموع البرية. فأكثروا من استعمال هذا الأمر الجليل، وحسبُنا الله ونعمَ الوكيلُ.

الحمد لله وحده، وصلى الله على خير خلقه محمد وآله، وسلامه على جميع الصالحين.

جاء في آخر النسخة: «نقلها من خط قائلها الشيخ الإمام شهاب الدين أبقاه الله ونفع به. كان الفراغ من نسخها نهار الجمعة الواقع رابع ذي القعدة الحرام على يد كاتبها محمد المجذوب في ميران الحصى ابتدأ بها بعد صلاة الجمعة يومها وأتمها مع أذان العصر».

* * * *

<<  <   >  >>