كالبيت الخَرِب»، [و] أن ما بين لوحي المصحف الذي كتبه الصحابة كلام الله كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو مَخافةَ أن تناله أيديهم».
فهذه الجملة تكفي المسلم في هذا الباب، وأمَّا تفصيل ما وقع في ذلك من النزاع فكثير، منه [ما] يكون كِلا الإطلاقَين خطأ، ويكون الحق في التفصيل، ومنه ما يكون مع كل من المتنازعين نوع من الحق ويكون كل منهما ينكر حقَّ صاحبه، وهذا من التفرُّق والاختلاف الذي ذمه الله ونهى عنه؛ فقال:{وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ}[البقرة: ١٧٦]، وقال:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ}[آل عمران: ١٠٥]، وقال:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}[آل عمران: ١٠٣]، وقال: {مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢١٣) أَمْ حَسِبْتُمْ} [البقرة: ٢١٣]، فالواجب على المسلم أن يلزم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه الراشدين والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان. وما تنازعت فيه الأمة وتفرَّقت فيه إن أمكنه أن يفصل النزاع بالعلم والعدل وإلا استمسك بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، وأعرض عن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا، فإن مواقع التفرق والاختلاف عامتها تصدر عن اتباع الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى، وقد بسطت القول من جنس هذه المسائل ببيان ما كان عليه سلف الأمة الذي اتفق عليه العقل والسمع، وبيان ما يدخل في هذا الباب من الاشتراك والاشتباه والغلط في مواضع متعددة، ولكن نذكر هنا جُمْلةً مختصرة بحسب حال السائل،