بسم الله الرحمن الرحيم، ما تقول السادة الفقهاء أئمة الدِّين ــ رضي الله عنهم أجمعين ــ أن يبينوا ما يجب على الإنسان أن يعتقده ويصير به مسلمًا بأوضح عبارة وأبينها، من أن ما في المصاحف هو كلام الله القديم أم هو عبارة عنه لا نفسه؟ وأنه هو حادث أو قديم؟ وأن قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه: ٥] هو استواء حقيقة أم لا؟ وأن كلام الله عز وجل بحرفٍ وصَوْت أم كلامه صفة قائمة لا تفارق؟ وأن الإنسان إذا أجرى القرآن على ظاهره من غير أن يتأول شيئًا منه ويقول: أؤمن به كما أنزل؛ هل يكفيه ذلك في الاعتقاد أم يجب عليه التأويل؟ وأن السائل رجل متحيِّر لا يعرف شيئًا وسؤاله بجواب لين ليقلد قائله افتونا مأجورين رحمكم الله.
فأجاب الشيخ تقي الدِّين ما صورته:
الحمد لله ربِّ العالمين، الذي يجب على الإنسان اعتقاده في ذلك وغيره ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله واتفق عليه سلف المؤمنين الذين أثنى الله على من اتبعهم وذم من اتبع غير سبيلهم، وهو أن القرآن الذي أنزله الله على محمد عبده ورسوله كلام الله وأنه منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه قرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون، وأنه قرآن مجيد في لوح محفوظ، وأنه في أم الكتاب لدى الله تعالى حفيظ، وأنه في الصدور كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «استذكروا القرآن فهو أشد تفلُّتًا من صدور الرجال من النعم من عُقلها»، وقال: «الجوف الذي ليس فيه شيء من القرآن
(١). توجد هذه الفتوى في «مجموع فتاوى شيخ الإسلام» (١٢/ ٢٣٥ - ٢٤٥).