القاضي شمس الدِّين محمد ابن عدلان دعوى شرعية على تقي الدِّين في عقيدته عند قاضي القضاة زين الدِّين في المجلس، وطالبه بالجواب فنهض تقي الدِّين قائمًا وقال: الحمد لله، وأرادَ أن يذكرَ خطبة ووعظًا، ويذكر عقيدته في أثناء ذلك، فقيل له: أجب عما ادُّعِيَ عليك به ودَعْ هذا فلا حاجة لنا بما تقول، فأراد أن يعيد القول في الخطبة فمُنِعَ وطُولِبَ بالجواب، فقال: عند من الدعوى عَلَيَّ؟ فقيل عند قاضي القضاة زين الدِّين المالكي، فقال هو عدوي وعدو مذهبي، فلم يرجع إلى قوله، ولما لم يأت بجواب أمر قاضي القضاة زين الدِّين باعتقاله على رد الجواب، فأقيم
من المجلس واعتقل هو وأخواه شرف الدِّين عبد الله وعبد الرحمن وحُبِسُوا في برج، فتردد إليه بعض الناس فاتصل ذلك بقاضي القضاة زين الدِّين فأمر بالتضييق عليه، فنقل إلى الجب في ليلة عيد الفطر وكتب مثال شريف سلطاني وسير إلى دمشق في أمر تقي الدِّين والحنابلة، ونسخته (١):
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي تنزه عن الشبيه والنظير، وتعالى عن المثيل، فقال عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ}[الشورى: ١١] نحمده على أن ألهمنا العملَ بالسنة والكتاب، ورفع في أيامنا أسباب الشك والارتياب، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من يرجو بإخلاصه حسن العقبى والمصير وينزه خالقه عن التحييز في جهة لقوله عز وجل:{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[الحديد: ٤] ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الذي نهج سبيل النجاة لمن سلك طريق مرضاته، وأمر بالتفكر في
(١). هذا المرسوم صاغه فقهاء السلطة، وعلماء البدعة (المأجورون)، ينظر مقدمة الكتاب في الجواب عن هذا المكتوب وأمثاله (ص ٤٤).