للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به إلى سلخ صفر سنة تسع وسبع مئة، فأُنهيَ عنه أن جماعة يحضرون إليه بالسجن وأنه يَعِظُهم ويتكلَّم في أثناء وعظه بما يشبه ما تقدم من كلامه، فأمر بنقله إلى ثغر الإسكندرية واعتقاله هناك، فجهز إلى الثغر في هذا التاريخ وحبس ببرج شرقي واستمر به إلى أن عادت الدولة الناصرية ثالثًا، فتحدث مع السلطان في يوم السبت ثامن عشر شوال سنة تسع وسبع مئة، فأكرمه السلطان وجمع القضاة وأصلح بينه وبين قاضي القضاة زين الدِّين المالكي فأشرط عليه قاضي القضاة أن يتوب عما تقدم الكلام فيه ويتوب عنه ولا يعود إليه، فقال السلطان: قد تاب وانفصل المجلس على خير، وسكن الشيخ تقي الدِّين بالقاهرة ببعض القاعات، وتردد الناس إليه واستمر إلى أن توجه السلطان إلى الشام في سنة ثنتي عشرة وسبع مئة، فتوجه بِنيَّة الغزاة، وأقام بدمشق إلى أن سطرنا هذه الأحرف في سنة خمس وعشرين وسبعمائة، وكان له في غضون هذه المدة بدمشق وقائع نذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى، ولنرجع إلى تتمة سياقة الحوادث في سنة خمس وسبعمائة.

ذكر اعتقال الشيخ تقي الدِّين ابن تيمية

وفي هذه السنة (١) ــ في يوم الاثنين السادس من شعبان ــ اعْتُقِل الشيخ تقي الدِّين أحمد ابن تَيْميَّةَ بقلعة دمشق المحروسة، حسب الأمر الشريف السلطاني، واعْتُقِل معه أخوه زين الدِّين عبد الرحمن، ومنع من الفُتْيا واجتماع الناس به.

وسبب ذلك: أنه أفتى أنه لا يجوز زيارة قبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا قبر


(١). سنة ٧٢٦.

<<  <   >  >>