للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إبراهيم الخليل، ولا غيرهما من قبور الأنبياء والصالحين (١)، وتوجه بعض أصحابه وهو الشمس محمد بن أبي بكر إمام المدرسة الجَوْزية (٢) في هذه السنة لزيارة البيت المقدس، فرقي منبرًا في حرم القدس الشريف، ووعظ الناس وذكر هذه المسألة في أثناء وعظه، وقال: ها أنا من هنا أرجع ولا أزور الخليل، وجاء إلى نابُلُسَ، وعمل مجلس وعظ، وأعاد كلامه، وقال: ولا يزار قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يزار إلا مسجده، فقصد أهل نابلس قتله، فحال بينهم وبينه مُتَوَلِّيها، وكتب أهل القدس وأهل نابلس ودمشق بما وقع منه، فطلبه قاضي القضاة شرف الدِّين المالكي، فتغيب عنه، وبادر بالاجتماع بقاضي القضاة شمس الدِّين محمد بن مسلم الحنبلي قاضي الحنابلة، وتاب عنده، وقبل توبته، وحَقَن دمَه، ولم يُعَزِّره.

فنهض الفقهاء بدمشق عند ذلك، وتكلموا على الشيخ تقي الدين، وكتبوا فتيا تتضمن ما صدر منه، وذكروا هذه المسألة وغيرها، فأفتى العلماء بكفره! ! وعُرِضت الفتيا على نائب السلطنة بالشام، الأمير سيف الدِّين تنكز، فطالع السلطان بذلك، فجلس السلطان في يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من شهر رجب بالميدان الذي هو بذيل قلعة الجبل، وأحضر القضاة والعلماء، وعرض عليهم ما ورد في أمره من دمشق، فأشار قاضي القضاة بدر الدِّين محمد بن جماعة الشافعي باعتقال تقي الدِّين المذكور، فرسم باعتقاله ومنعه من الفتيا، ومنع الناس من الاجتماع به، وأن يُؤَدَّب من هو على


(١). لم يمنع الشيخ الزيارة، بل منع شد الرحل، وهذا واضح في جميع كتبه لكل ذي عينين! !
(٢). هو ابن القيم - رحمه الله -.

<<  <   >  >>