للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها (١) في يوم الاثنين تاسع عشر جمادى الآخرة ورد مرسوم شريف سلطاني إلى دمشق بمنع الشيخ تقي الدِّين أحمد ابن تيمية من الكتابة مطلقًا في التصنيف والفتيا، فأخذ ما عنده من الكتب والأوراق والدواة والأقلام وأُوْدِع ذلك عند متولي قلعة دمشق، فكان عنده إلى مستهل شهر رجب، ثم أرسل المتولي ذلك إلى قاضي القضاة علاء الدين، فجعل الكتب في خزانة المدرسة العادلية، لأنها كانت عارية، وأما الأوراق التي كانت بخطه من تصانيفه فكانت نحو أربع عشرة ربطة، فنظر القضاة والفقهاء فيها، وفُرِّقت بينهم.

وكان سبب ذلك أنه وجد له جواب عما رده عليه قاضي القضاة تقي الدِّين المالكي، فأعلم السلطان بذلك، فاستشار قاضي القضاة، فأشار بذلك، فرسم به، فحينئذ عدل الشيخ عن ذلك إلى تلاوة القرآن.

وفيها (٢) في الثلث الأخير من ليلة الاثنين المسفر صباحها عن العشرين من ذي القَعْدة كانت وفاة الشيخ العالم الورع تقي الدِّين أحمد ابن الشيخ شهاب الدِّين أبي المحاسن عبد الحليم بن الشيخ مجد الدِّين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني ثم الدمشقي في معتقله بدمشق، ومرض سبعة عشر يومًا، ولما مُنع من الكتابة والتصنيف عكف على تلاوة كتاب الله تعالى، فيقال إنه قرأ ثمانين ختمة، وقرأ من الحادية والثمانين إلى سورة الرحمن، وأكملها أصحابه الذين دخلوا عليه حال غسله وتكفينه، وتولى غسله مع المغسل الشيخ تاج الدِّين


(١). سنة ٧٢٨، وهو في الحبس.
(٢). سنة ٧٢٨.

<<  <   >  >>