للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بسبب غيبة نايب السلطان في الصيد. فلما حضر نايب السلطان رسم بطلب كل من أكثر كلامه من الطايفتين، وأمر باعتقالهم، ونودي في البلد بمرسوم سلطاني: من تكلم في العقائد حل ماله ودمه ونهب داره وهتكت عياله. وقصد نايب السلطان بذلك إخماد الفتنة الثايرة.

ثم لما كان سلخ شهر رجب اجتمع القضاة والفقهاء وعقدوا مجلسًا بالميدان بحضور ملك الأمراء وبحثوا في العقيدة. فجرى من الشيخ صدر الدِّين بن الوكيل كلام في معنى الحروف وغيره. فأنكر عليه كمال الدِّين ابن الزملكاني القول في ذلك. ثم قال للقاضي نجم الدِّين بن صصري قاضي القضاة: أما سمعت ما قال؟ فكأن نجم الدِّين تغافل عن ذلك طلبًا لإخماد الشر. فقال كمال الدِّين بن الزملكاني: ما جرى على الشافعية قليل كون أن تكون رئيسها، إشارة على ما كان ادعاه صدر الدِّين بن الوكيل. فظن القاضي نجم الدِّين أن الكلام له، فقال: اشهدوا على أنني قد عزلت نفسي! وقام من المجلس فلحقه الحاجب الأمير ركن الدِّين بيبرس العلائي وعلاء الدِّين أيدغدي بن شقير وأعادوه إلى المجلس. وجرى كلام كثير بعد ذلك يطول شرحه. ثم إن ملك الأمراء ولاه الحكم، وحكم القاضي الحنفي بذلك وصحة الولاية، وأنفذها المالكي وقبل الولاية بحضور ملك الأمراء. فلما عاد إلى داره لاموه أصحابه. وخشى على نفسه ورأى أن الولاية لا تصح، فعاد طلع إلى تربته بسفح قاسيون، فأقام بها وصمم على العزل.

فلما كان بعد ثلاثة أيام رسم ملك الأمراء لنوابه بالمباشرة إلى حيث يرد جواب مولانا السلطان. فأما نايبه جلال الدِّين فإنه باشر الحكم، وأما تاج الدِّين فامتنع.

<<  <   >  >>