للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتُوعِّد بالقتل إن لم يكتبها (١).

فأقام بمصر يُقرئ العلم ويجتمع خلق عنده، إلى أن تكلَّم في الاتحادية القائلين بوحدة الوجود (٢)، فتحزَّب عليه صوفية وفقراء، وسعوا فيه، وأنه يتكلم في صفوة الأولياء، فعُمِلَ له محفل، ثم أخرجوه على البريد، ثم ردوه على مرحلة من مصر، ورأوا مصلحتهم في اعتقاله، فسجنوه في حبس القضاة سنة ونصفًا، فجعل أصحابه يدخلون إليه في السرّ، ثم تظاهروا، فأخرجته الدولة على البريد إلى الإسكندرية، وحُبس ببرج منها، وشيع بأنه قُتل، وأنه غرق غير مرةٍ.

فلما عاد السلطان من الكرك، وأباد أضداده، بادر باستحضار الشيخ إلى القاهرة مكرَّمًا، واجتمع به، وحادثه وسارره بحضرة القضاة والكبار، وزاد في إكرامه، ثم نزل وسكن في دار، واجتمع بعد ذلك بالسلطان، ولم يكن الشيخ من رجال الدولة، ولا يسلك معهم تلك النواميس، فلم يعد السلطان يجتمع به. فلما قدم السلطان لكشف العدوّ عن الرحبة جاء الشيخ إلى دمشق سنة اثنتي عشرة.

ثم جرت له أمورٌ ومِحَن ما بين ارتفاع وانخفاض وفتَرَ سوقُه، ودخل في مسائل (٣) كبار لا تحتملها عقول أبناء زمانه ولا علومهم، كمسألة التكفير في


(١) انظر في شرح هذه القضية مقدمة كتابنا هذا (ص ٤٤ - ٥١).
(٢) زاد ابن عبد الهادي في «العقود» (ص ٢٥٢) نقلًا عن هذه الترجمة: «وهم ابن سبعين وابن عربي والقونوي وأشباههم».
(٣) (م، ش): «مسالك».

<<  <   >  >>