للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على كلام الفرق، ومعاينةُ الاضطراب العظيم في لوازم القواعد التي أسّسوها في أمهات المسائل.

وكانت النفس لا تسمح بالمخالفة لظواهر النصوص، ثم كبار النظَّار المتأخرين من المشاهير يميلون إلى تأويلها، والجمعُ بين تعظيمهم وتعظيم ظواهر النصوص يوقع في العناء العظيم والكرب المقيم.

وفسادُ الطرق الكلامية كانت تشهد الفطرةُ به من حيث الإجمال، والقوَّةُ وحدَها فما كانت تنهض إلى تبيين ذلك من حيث التفصيل، وكانت الفطرة لمعرفتها بصحة قواعد دين الإسلام ورسوخ أساسه، تتيقن أن وراء قواعد المتكلمين أساسات مرضية غير هذه التأسيسات الاصطلاحية، وتفتش الكتب فلا تجد شيئًا مما يقوِّيه على تغيير تلك القواعد المصطلح عليها.

ويدأب هذا المسكين ليلَه ونهارَه ليؤسِّس تأسيسات لا تنخرم (١) [ق ١٩٦] إذا طُبِّقت على النقليات يجد قوته لا تنهض بذلك تعبيرًا لعدم المسلك الموقف (٢)، فما كان هناك حيلةٌ إلا الالتجاء إلى الله تعالى، والوقوف مع النصوص ظاهرًا وباطنًا، والقول بقيام الأفعال الاختيارية بصانع العالم ــ جلَّت عظمتُه ــ من حيث الإجمال، ولا كان يجد في فطرته غير هذا.

وأقوال المتكلِّمين في ذلك فمشهورة وطرقهم معروفة، ولم يزل في تعبٍ عظيم من التردّد بين تعظيم المشهورين من رؤساء أرباب النظر، وبين تعظيم


(١) طمس بعضها.
(٢) كذا العبارة في الأصل. ولعلها: «الموفّق».

<<  <   >  >>