ولا تجارى له خيلٌ مسوّمَةٌ ... وجوهُ فرسانها الأوضاحُ والغرَرُ
ولا تَحُفّ به الأبطالُ دائرةً ... كأنهُم أنجمٌ في وسطها قمَر
ولا تعبّس حربٌ في موافِقِه ... يومًا ويضحكُ في أرْجائه الظفرُ
حتَى يقوّمَ هذا الدِّين مِن مَيَلٍ ... ويستقيم على منهاجه البشرُ
بل هكذا السلفُ الأبرارُ ما برِحُوا ... يُبلى اصطبارهمُ جهدًا وَهُمْ صبُرُ
تأسّ بالأنبياءِ الطُّهر كم بلغَتْ ... فيهم مضرّةُ أقوام وكم هُجروا
في يوسف في دخول السجن منقَبة ... لمن يكابدُ ما يلقى ويصطبرُ
ما أُهمِلوا أبدًا بل أمهلوا لمدًى ... والله يُعقِبُ تأييدًا وينتصِرُ
أيذهبُ المنهلُ الصافي وما نُقعت ... به الظماءُ وتبْقى الحمأةُ الكدر؟
مضى حميدًا ولم يعلق به وضرٌ ... وكلّهم وضرٌ في الناس أو وَذَر
طوْدٌ من الحِلم لا يَرقى له قُننٌ ... كأنّما الطودُ من أحجاره حجرُ
بحرٌ من العلم قد فاضت بقيّتُه ... فغاضت الأبحرُ العظمى وما شعروا
يا ليت شعريَ هل في الحاسدين له ... نظيره في جميع القوم إن ذُكِروا
هلْ فيهمُ لحديث المصطفى أحدٌ ... يميّزُ النقدَ أو يُروى له خبر؟
هل فيهمُ من يضمّ البحث في نظرٍ ... أو مثله من يضمّ البحثُ والنظرُ؟
هلّا جَمعتُمْ له من قومكم ملأً ... كفعل فرعَوْنَ مَعْ مُوسى لتعتبروا؟
قولوا لهم: قال هذا فابحثوا مَعه ... قدّامَنا وانظروا الجهّال إن قدروا
تُلقي الأباطيلَ أسحَارٌ لها دَهَشٌ ... فيلقفُ الحقُّ ما قالوا وما سحرُوا
فليتهُم مثل ذاك الرهطِ من ملأٍ ... حتى يكون لكم في شأنهم عِبَر
وليتهم أذعنوا للحقّ مثلهم ... فآمنوا كلّهم من بعد ما كفرُوا
يا طالما نفروا عنه مجانبةً ... وليتَهم نفَعوا في الضيم أو نفروا
هل فيهِمُ صادع بالحقّ مِقولُه ... أو خائض للوغى والحرب تَسْتَعِرُ؟