أهكذا القوس ترمى بالعراء وما ... تُصمِي الرَّمايا وما في باعها قصر؟
أهكذا يترك البحرُ الخِضمُّ ولا ... يُلوَى عليه، وفي أصدافه الدرر؟
أهكذا بِتَقِيّ الدِّين قد عَبِثتْ ... أيدي العِدى وتعدّى نحوَه الضررُ؟
ألابنِ تيميّة تُرمى سهامُ أذًى ... من الأنام ويُدْمى النابُ والظفُر؟
بذّ السوابقَ ممتدَّ العبادةِ لا ... ينالُه ملَلٌ فيها ولا ضجر
ولم يكن مثله بعد الصحابة في ... علم عظيمٍ وزهدٍ ما له خطرُ
طريقَةٌ كان يمشي قبل مشيتِه ... بها أبو بكرٍ الصدّيقُ أو عمرُ
فردُ المذاهب في أقوال أربعةٍ ... جاؤوا على أثر السُّبَّاقٍ وابتدروا
لمّا بنَوا قبله عُليا مذاهبهم ... بنى وعمّر منها مثلَ ما عمَروا
مثل الأئِمّة قد أحيا زمانَهُمُ ... كأنّه كان فيهم وهو منتَظَر
إن يرفعوهم جميعًا رفع مبتدإٍ ... فحقُّه الرفع أيضًا إنّه خبرُ
أمثلُه بينكم يُلقَى بمَضيَعةٍ ... حتّى يطيح له عمدًا دمٌ هدَرُ
يكون وهْوَ أمانيٌّ لغيركُمُ ... تنوبه منكُمُ الأحداثُ والغِير
والله لو أنّه في غيرِ أرضكمُ ... لكان منكم على أبوابه زُمَرُ
مثل ابن تيميّةٍ يُنسى بمحبسه ... حتى يموت ولم يُكحَل به بصر
مثل ابن تيميّة تُرْضى حواسدُه ... بحبسِه ولكُمْ في حبسِه عذر
مثل ابن تيميّةٍ في السجن معتقَلٌ ... والسجن كالغمدِ وهو الصارمُ الذكر
مثل ابن تيميّةٍ يُرمى بكلِّ أذًى ... وليس يُجلى قذًى منه ولا نظَرُ
مثل ابن تيميّةٍ تذوى خمائلُه ... وليس يُلقط من أفنانِه الزهَر
مثل ابن تيميّةٍ شمسٌ تغيبُ سُدًى ... وما تَرِقُّ لها الآصال والبُكر
مثل ابن تيميّةٍ يمضي وما عبقت ... بمسكه العاطِرِ الأردانُ والطُرَرُ
مثل ابن تيميّةٍ يمضي وما نهلَت ... له سيوفٌ ولا خطيّة سُمر