للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذلّ، وأنه لا شيء، وأنه ممن لم يصح له بَعْدُ الإسلام حتى يدَّعي الشرفَ فيه.

ولقد شهدت من شيخ الإسلام ابن تيمية ــ قدس الله روحَه ــ من ذلك أمرًا لم أشاهده من غيره، وكان يقول كثيرًا: ما لي شيء، ولا منِّي شيء، ولا فيَّ شيء.

وكان كثيرًا ما يتمثَّل بهذا البيت:

أنا المكدِّي وابنُ المكدِّي ... وهكذا كان أبي وجدي

وكان إذا أُثني عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمتُ بعدُ إسلامًا جيِّدًا.

وبعث إليَّ في آخر عمره قاعدةً في التفسير بخطه، وعلى ظهرها أبيات بخطِّه من نظمه:

أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المُسَيْكين في مجموع حالاتي (١)

وساق بعدها أبياتًا ستأتي بتمامها (٢).

* فراسة الشيخ:

قال ابن القيم: «ولقد شاهدت من فراسة شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ أمورًا عجيبة، وما لم أشاهده منها أعظم وأعظم، ووقائع فراسته تستدعي سِفْرًا ضخمًا:


(١) «مدارج السالكين»: (١/ ٥٢٤ - ٥٢٥).
(٢) (ص ٤٥٢ - ٤٥٣).

<<  <   >  >>