للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم نبغت نابغة منهم في رأس القرن الثامن، فأقام الله لدينه شيخَ الإسلام أبا العباس ابن تيمية ــ قدَّس الله روحه ــ فأقام على غزوهم مدَّةَ حياته، باليد والقلب واللسان، وكَشَف للناس باطلَهم، وبيّن تلبيسَهم وتدليسَهم، وقابلهم بصريح المعقول وصحيح المنقول، وشفى واشتفى، وبَيَّن مناقضتهم ومفارقتهم لحكم العقل الذي به يُدْلون، وإليه يدعون، وأنهم أتْرَك الناس لأحكامه وقضاياه، فلا وحي ولا عقل! فأرْداهم في حُفَرهم، ورَشَقهم بسهامهم، وبيّن أن صحيح معقولاتهم خَدَم لنصوص الأنبياء شاهدة لها بالصحة، وتفصيل هذه الجملة موجودة في كتبه» (١).

وقال ابن القيم:

ولأيّ شيء كان أيضًا خصمُكم ... شيخَ الوجود العالم الحرَّاني

أعني أبا العباس ناصرَ سنةِ الـ ... مختار قامع سنة الشيطان

والله لم يك ذنبه شيئًا سوى ... تجريده لحقيقة الإيمان

إذ جرَّد التوحيدَ عن شركٍ كذا ... تجريدُه للوحي عن بهتانِ (٢)

* مناظرته للجبرية:

وذكر ابن القيم الجبريَّة، ثم قال: «وأخبرني شيخ الإسلام ــ قدس الله روحه ــ أنه لام بعض هذه الطائفة على محبة ما يبغضه الله ورسوله، فقال له الملوم: المحبة نار تحرق من القلب ما سوى مراد المحبوب، وجميع ما في الكون مراده، فأيّ شيء أبغض منه؟


(١) «الصواعق المرسلة» (٣/ ١٠٧٨ - ١٠٨٠).
(٢) «الكافية الشافية»: (٢/ ٤١٩).

<<  <   >  >>