للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا وَحْشةَ السُّنَّةِ مِن بَعْدِه ... فَرَبْعُها المعمورُ قد قوّضا

كم مَجْلسٍ كانَ هَشِيْمًا مِنَ الْـ ... ـعِلْمِ فلمَّا جَاءهُ رَوَّضَا

وكلُّ حَفْلٍ أُفْقُهُ مُظْلِمٌ ... تَراهُ إنْ وَافَى إليهِ أضَا

ومُشكلٍ لمّا دَجَا لَيْلُهُ ... أعادَهُ يَوْمَ هُدًى أبْيَضَا

تصراهُ إنْ بَرْهَنَ أقوالَهُ ... فقَلَّ أنْ تُدْحَرَ أو تُدْحَضَا

وبحثه في مَدَدٍ طافحٍ ... وخصمُه في وقتِه انقضا

يَوَدُّ لَو أبْلَعَهُ رِيْقَه ... وَهْوَ له بالحقِّ قَد أجْرَضَا

أغَصَّهُ حتَّى غَدا مُطْرِقًا ... مِنْ نَدَمٍ كَفَّيْهِ قَدْ عَضَّضَا

ما كانَ إلَّا أسَدًا خَادِرًا ... أضْحَى له غَابُ النُّهَى مَرْبِضَا

وَهْوَ بِزِيِّ العلمِ في بَرْدِهِ ... وخَصْمُهُ قَدْ ضَمَّ جَمْرَ الْغَضَا

سبحانَ مَنْ سَخَّر قَلْبَ الوَرَى ... لِقولِه طَوْعًا وقَد قَيَّضَا

قد أجمعَ النَّاسُ على حُبِّهِ ... ولا اعْتبارَ بالَّذِيْ أبْغَضَا

كان سَليمَ الصَّدْرِ قد سَلَّمَ الْـ ... أمْرَ لِبارِيْهِ وقَد فَوَّضَا

كَمْ حَثَّ للخيرِ وكَمْ ذِيْ كَرًى ... أيْقَظَ مِنْ نَوْمٍ وكَمْ حَرَّضَا

وأمْرَضَ الإلحادَ لمَّا جَلا الْـ ... ـحَقَّ وقَلْبَ الزَّيْغِ قَد أرْمَضَا

وغَادرَ الباطِلُ في ظُلمةٍ ... لَمَّا رَأى بَارِقَهُ أوْمَضَا

وَهْوَ عَنِ الدُّنْيَا زَوَى نَفْسَه ... واللهُ بالجنَّةِ قَدْ عَوَّضَا

فَمَا لهُ في مَنْصِبٍ رَغْبَةٌ ... وعَزْمُهُ فِي ذاك مَا اسْتَنْهَضَا

كَانَ إذا الدُّنْيا لَهُ عَرَّضَتْ ... بِزُخْرُفٍ مِن نَفْسِها أعْرضَا

ولو رَأى ذلكَ مَا فَاتَه ... مَنَاصِبٌ مِنْ بَعْضِهِنَّ الْقَضَا

وبعدَ هذا حُكْمُهُ نَافِذٌ ... فِي كُلِّ مَا قَدْ شَاءَهُ وَارْتَضَى

بنَفْسِهِ جَاهَدَ جَهْرًا وكَمْ ... سَلَّ حُسَامًا في الْوَغَى وانْتَضَى

<<  <   >  >>