عن تفسير قوله تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} إلى قوله تعالى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الأعراف: ١٨٩ - ١٩٠] فأجاب بما قاله المفسرون في ذلك وهو آدم وحواء وأنّ حواء لمّا أثقلت بالحمل أتاها إبليس في صورة رجل وقال: أخاف مِنْ هذا الَّذي في بطنك أن يخرج من دبرك أو يشق بطنك وما يدريكِ لعله يكون بهيمة أو كلبًا؛ فلم تزل في همّ حتَّى أتاها ثانيًا وقال: سألت الله تعالى أن يجعله بشرًا سويًّا وإن كَانَ كذلك سميه عبد الحارث، وكان اسم إبليس في الملائكة الحارث، فذلك قوله تعالى:{فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} وهذا مَرْوي عن ابن عباس، فقلت له: هذا فاسدٌ من وجوه لأنَّه تعالى قال في الآية الثانية: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} فهذا يدلُّ على أن القصة في حق جماعة؛ الثَّاني أنَّه ليس لإبليس في الكلام ذكر؛ الثالث أن الله تعالى علّم آدم الأسماء كلها فلا بد وأنَّه كَانَ يعلم أن اسم إبليس الحارث؛ الرابع أنَّه تعالى قال:{أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ}[الأعراف: ١٩١] وهذا يدل على أنَّ المراد به الأصنام لأن «مَا» لِما لا يَعْقِل ولو كَانَ إبليس لقال «مَنْ» الَّتي هي لمن يعقل.
فقال رحمه الله تعالى: فقد ذهب بعض المفسرين إلى أنَّ المراد بهذا قُصَيّ لأنهّ سمّى أولاده الأربعة عبد مناف وعبد العزى وعند قصي وعبد الدار، والضمير في «يشركون» له ولأولاده من أعقابه الَّذين يسمون أولادهم بهذه الأسماء وأمثالها، فقلت له: وهذا أيضًا فاسد لأنَّه تعالى قال: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وليس كذلك إلّا آدم لأن الله تعالى خلق حواء من ضلعه؛ فقال رحمه الله تعالى: المراد بهذا أنَّ زوجه من جنسه عربية قرشية، فما رأيت التطويل معه.
وسألته في ذلك المجلس عن قول المتكلمين في الواجب والممكن