للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فلما كَانَ يوم الجمعة الثالث والعشرين من ربيع الأوَّل جاء الأمير حسام الدِّين مهنّا بن عيسى ملك العرب إلى السجن بنفسه، وأقسم على الشَّيخ تقي الدِّين ليخرجنّ إليه، فلما خرج أقسم عليه ليأتينّ معه إلى دار سلار، فاجتمع به بعض الفقهاء بدار سلّار وجرت بينهم بحوث كثيرة، ثمَّ فرقت بينهم الصلاة، ثمَّ اجتمعوا إلى المغرب وبات الشَّيخ تقي الدِّين عند سلّار، ثمَّ اجتمعوا يوم الأحد بمرسوم السلطان جميع النهار، ولم يحضر أحد من القضاة بل اجتمع من الفقهاء خلق كثير، أكثر من كل يوم، منهم الفقيه نجم الدِّين ابن الرفعة وعلاء الدِّين الباجي وفخر الدِّين ابن بنت أبي سعد، وعز الدِّين النِّمراوي، وشمس الدِّين بن عدلان، وجماعة من الفقهاء، وطلبوا القضاة فاعتذروا بأعذار، بعضهم بالمرض، وبعضهم بغيره، لمعرفتهم بما ابن تَيْمِيَّة منطوٍ عليه من العلوم والأدلة، وأن أحدًا من الحاضرين لا يطيقه، فقبل عذرهم نائب السلطنة ولم يكلفهم الحضور بعد أنْ رسم السلطان بحضورهم وانْفَصَل المجلس على خير، وبات الشَّيخ عند نائب السلطنة. وجاء الأمير حسام الدِّين مهنّا يريد أنْ يستصحب الشَّيخ تقي الدِّين معه إلى الشام، فأشار سلار بإقامة الشَّيخ بمصر عنده ليرى الناس فضله وعلمه، وينتفع الناس به ويشتغلوا عليه. وكتب الشَّيخ كتابًا إلى الشَّام يتضمن ما وقع له من الأمور.

قال البرزالي: وفي شوال منها شكا الصوفيةُ بالقاهرة على الشَّيخ تقي الدِّين وكلامه في ابن عربي وغيره إلى الدولة، فردوا الأمر في ذلك إلى القاضي الشَّافعيّ، فعقد له مجلس وادعى عليه ابن عطاء بأشياء لم يثبت عليه منها شيء، لكنه قال: لا يستغاث إلَّا بالله، ولا يستغاث بالنبي - صلى الله عليه وسلم - استغاثة

<<  <   >  >>