وفي هذا الشهر [جمادى الأولى] قُرّر على أهل دمشق ألف وخمس مئة فارس. ولكل فارس خمس مئة درهم، وضُربت على الأملاك والأوقاف. فتألم الناس من ذلك تألمًا عظيمًا. وسعوا إلى الخطيب جلال الدِّين [القزويني] فسعى إلى القضاة، واجتمع الناس بُكرة يوم الاثنين ثالث عشر الشهر، واختلفوا في الاجتماع، وأخرجوا معهم المصحف العثماني والأثر النبوي والسناجق الخليفتية. ووقفوا في الموكب. فلما رآهم النائب تغيّظ عليهم وشتم القاضي والخطيب. وضرب مجد الدِّين التونسي، ورسم عليهم، ثمَّ أطلقهم بضمان وكفالة فتألم الناس من ذلك كثيرًا. فلم يمهله الله إلّا عشرة أيّام، فجاءه الأمر فجأة فعُزل، وحُبس. ففرح الناس بذلك فرحًا شديدًا. ويُقال إنَّ الشَّيخ تقيّ الدِّين لما بلغه ذلك الخبر عن أهل الشَّام، فأخبر السلطان بذلك فبعث من فَوْره فمسكه شرّ مِسْكَة ... (١٤/ ٦٤). (١٨/ ١١٢).
سنة (٧١٢)
وفي ثامن شوال دقت البشائر بدمشق بسبب خروج السلطان من مصر لأجل ملاقاة التتر، وخرج الركب في نصف شوال وأميرهم حسام الدِّين لاجين الصغير، الَّذي كَانَ والي البرّ، وقدمت العساكر المنصورة المصرية أرسالًا، وكان قدوم السلطان ودخوله دمشق يوم الثلاثاء ثالث عشري شوال، واحتفل الناس لدخوله، فنزل بالقلعة وقد زين البلد ودقت البشائر، ثمَّ انتقل بعدُ ليلتئذ إلى القصر وصلى الجمعة بالجامع بالمقصورة وخلع على الخطيب، وجلس في دار العدل يوم الاثنين، وقدم وزيره أمين المُلْك يوم الثلاثاء عشري الشهر، وقدم صحبة السلطان الشَّيخ الإمام العالم العلامة