للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمر الثاني: أنا وجدنا الإمام ابن عبد الهادي (٧٤٤) في كتابه «العقود الدرية» (١) قد اقتبس نصوصًا من هذه الرسالة، ونسبها إلى أبي عبد الله بن رُشَيِّق، فقال: «قال الشيخ أبو عبد الله بن رُشيق ــ وكان من أخصِّ أصحاب شيخنا وأكثرهم كتابةً لكلامه وحرصًا على جمعه ــ: كتب الشيخ - رحمه الله - نقول السلف مجردة عن الاستدلال على جميع القرآن، وكتب في أوله قطعة كبيرة بالاستدلال. ورأيتُ له سورًا وآياتٍ يُفسِّرها، ويقول في بعضها: كتبته للتذكُّر، ونحو ذلك.

ثم لما حُبس في آخر عمره؛ كتبتُ له أن يكتب على جميع القرآن مرتبًا على السور، فكتب يقول: إن القرآن فيه ما هو بيِّن بنفسه، وفيه ما قد بيَّنه المفسرون في غير كتاب؛ ولكن بعض الآيات أشكلَ تفسيرُها على جماعةٍ من العلماء، فربما يطالع الإنسان عليها عدة كتب ولا يتبين له تفسيرها، وربما كتب المصنِّف الواحد في آيةٍ تفسيرًا، ويفسِّر نظيرها بغيره، فقصدت تفسير تلك الآيات بالدليل؛ لأنه أهم من غيره، وإذا تبين معنى آية تبيَّن معاني نظائرها.

وقال: قد فتح الله عليَّ في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء مات كثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن، أو نحو هذا. وأرسل إلينا شيئًا يسيرًا مما كتبه من هذا الجنس، وبقي شيءٌ كثير في سلة الحكم عند الحكام لمَّا أخرجوا كتبه من عنده، وتوفي وهي عندهم إلى هذا الوقت نحو أربعَ عشرة رِزْمة.


(١) (ص ٣٩ - ٤٢) ط. دار عالم الفوائد.

<<  <   >  >>