للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: وقد كتب «الحموية» في قعدة واحدة. وهي أزيد من ذلك.

وكتب في بعض الأحيان في اليوم ما يبيض منه مجلد.

وكان - رحمه الله - فريد دهره في فهم القرآن، ومعرفة حقائق الإيمان. وله يد طولى في الكلام على المعارف والأحوال، والتمييز بين صحيح ذلك وسقيمه، ومعوجه وقويمه.

وقد كتب ابن الزَّمْلَكاني بخطه على كتاب «إبطال التحليل» للشيخ ترجمة الكتاب واسم الشَّيخ، وترجم له ترجمة عظيمة، وأثنى عليه ثناءً عظيمًا.

وكتب أيضًا تحت ذلك:

ماذا يقولُ الواصفونَ له ... وصفاته جلَّتْ عن الحصر

هو حجَّةٌ لله قاهرةٌ ... هو بيننا أُعجوبةُ الدهر

هو آيةٌ للخلقِ ظاهرةٌ ... أنوارها أربتْ على الفجر

وللشيخ أثير الدِّين أبي حيان الأندلسي النحوي ــ لما دخل الشَّيخ مصر واجتمع به ــ ويقال: إنَّ أبا حيان لم يقل أبياتًا خيرًا منها ولا أفحل:

لمَّا رأينا تقيَّ الدِّين لاحَ لنا ... داعِ إلى اللهِ فردٌ ماله وَزَرُ

على مُحَيَّاهُ من سِيْمَا الأُولَى صَحِبُوا ... خيرَ البريَّةِ نورٌ دونَه القَمَرُ

حَبْرٌ تَسَرْبَلَ منه دَهرُه حِبَرًا ... بَحرٌ تَقَاذَفُ مِن أمواجه الدُّرَرُ

قام ابنُ تَيميَّةٍ في نَصْر شِرعَتِنَا ... مَقامَ سَيِّدِ تَيْمٍ إذْ عَصَتْ مُضَرُ

فأظهرَ الدِّين إذْ آثارُهُ دَرَسَتْ ... وأخمدَ الشَّرَّ إذ طارتْ له الشَّرَرُ

يا من تحدّث عن علم الكتاب أصِخْ ... هذا الإمامُ الذي قد كان يُنتظر

<<  <   >  >>