للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحكى الذَّهبيّ عن الشَّيخ: أنَّ الشَّيخ تقي الدِّين بن دقيق العيد قال له ــ عند اجتماعه به وسماعه لكلامه ــ: ما كنت أظن أنَّ الله بقي يخلق مثلك.

ومما وجد في كتاب كتبه العلامة قاضي القضاة أبو الحسن السبكي إلى الحافظ أبي عبد الله الذَّهبي في أمر الشَّيخ تقي الدِّين المذكور: أما قول سيدي في الشَّيخ فالمملوك يتحقق كبر قدره، وزخارة بحره، وتوسعه في العلوم الشرعية والعقلية، وفرط ذكائه واجتهاده، وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الَّذي يتجاوز الوصف. والمملوك يقول ذلك دائمًا. وقدره في نفسي أكبر من ذلك وأجلّ. مع ما جمعه الله له من الزهادة والورع والديانة، ونصرة الحق، والقيام فيه لا لغرض سواه، وجريه على سنن السلف، وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى. وغرابة مثله في هذا الزمان، بل من أزمان.

وكان الحافظ أبو الحجاج المزِّي يبالغ في تعظيم الشَّيخ والثناء عليه، حتَّى كَانَ يقول: لم يُر مثله منذ أربعمائة سنة.

وبلغني من طريق صحيح عن ابن الزَّمْلَكاني: أنَّه سئل عن الشَّيخ فقال: لم ير من خمسمائة سنة، أو أربعمائة سنة ــ الشك من الناقل. وغالب ظنه: أنَّه قال: من خمسمائة سنة ــ أحفظ منه.

وكذلك كَانَ أخوه الشَّيخ شرف الدِّين يبالغ في تعظيمه جدًّا، وكذلك المشايخ العارفون، كالقدوة أبي عبد الله محمد بن قوام. ويحكى عنه أنَّه كَانَ يقول: ما أسلمت معارفنا إلَّا على يد ابن تَيْمِيَّة.

والشيخ عماد الدِّين الواسطي كَانَ يعظمه جدًّا، وتلمذ له، مع أنَّه كَانَ أسن منه. وكان يقول: قد شارف مقام الأئمة الكبار، ويناسب قيامه في بعض الأمور قيام الصديقين.

<<  <   >  >>