للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتب رسالة إلى خواص أصحاب الشَّيخ يوصيهم بتعظيمه واحترامه، ويعرِّفهم حقوقه، ويذكر فيها: أنَّه طاف أعيان بلاد الإسلام، ولم ير فيها مثل الشَّيخ علمًا وعملًا، وحالًا وخلقًا واتباعًا، وكرمًا وحلمًا في حق نفسه، وقيامًا في حق الله تعالى، عند انتهاك حرماته. وأقسم على ذلك بالله ثلاث مرات.

ثمَّ قال: أصدق الناس عقدًا، وأصحهم علمًا وعزمًا، وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه، وأسخاهم كفًّا، وأكملهم اتباعًا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -. ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلى النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلَّا هذا الرَّجل، بحيث يشهد القلب الصحيح: أنَّ هذا هو الاتباع حقيقة.

ولكن كَانَ هو وجماعة من خواص أصحابه ربما أنكروا من الشَّيخ كلامه في بعض الأئمة الأكابر الأعيان، أو في أهل التخلي والانقطاع ونحو ذلك.

وكان الشَّيخ - رحمه الله - لا يقصد بذلك إلَّا الخير، والانتصار للحق إن شاء الله تعالى.

وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقهائهم: كانوا يحبون الشَّيخ ويعظمونه، ولم يكونوا يحبون له التوغّل مع أهل الكلام ولا الفلاسفة، كما هو طريق أئمة أهل الحديث المتقدمين، كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم، وكذلك كثير من العلماء من الفقهاء والمحدثين والصالحين كرهوا له التفرد ببعض شذوذ المسائل الَّتي أنكرها السلف على من شذ بها، حتَّى إنَّ بعض قضاة العدل من أصحابنا منعه من الإفتاء ببعض ذلك.

قال الذَّهبيّ: وغالب حطِّه على الفضلاء والمتزهدة فبحق، وفي بعضه هو

<<  <   >  >>